ABUIYAAD
Reports News Search

الْحَنَانُ (بمعنى الرحمة)


Allāh is merciful and compassionate to His believing servants.

  صفةٌ فعليةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالكتاب والسنة.
 • الدليل من الكتاب :
  قولـه تعالى : «يَايَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً  وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيَّاً» [مريم : 12-13].
 • الدليل من السنة :
  حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً : «يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أنَّ لا إله إلا الله مخلصاً ، فيخرجونهم منها» ، قال : «ثم يتحنَّن الله برحمته على مَن فيها ، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها».
 رواه : الإمام أحمد (3/11) ، وابن جرير في ”التفسير“ (16/113) ، وابن خزيمة في ”التوحيد“ (2/766) ، وابن المبارك في ”الزهد“ (1268) ؛ من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة ؛ قال : حدثني محمد بن إسحاق ، حدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب ، عن سليمان بن عمرو بن عبد العُتواري أحد بني ليث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : (وذكره).
 ورجال إسناده ثقات ، عدا عبيد الله بن المغيرة ، قال عنه الحافظ في ”التقريب“ : ”صدوق“، ومحمد بن إسحاق صرح بالتحديث ، فالحديث لا يَنْزل عن مرتبة الحسن، وقد حسن إسناده الوادعي في ”الشفاعة“ (ص 137)
 ورواه الحاكم في ”المستدرك“ (4/585) من طريق أحمد بن خالد الوهبي عن محمد بن إسحاق به ، وقال : ”على شرط مسلم ، ولم يخرجاه“ ، وسكت عنه الذهبي ، وتعقبه الوادعي في ”كتاب الشفاعة“.
 قال ابن جرير في ((التفسير)) (16/55) :
 قولـه : «وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا» : يقول تعالى ذكره : ورحمة منا ومحبة له آتيناه الحكم صبيّاً ، وقد اختلف أهل التأويل في معنى الحنان ، فقال بعضهم : معناه : الرحمة
ثم نسب ذلك بإسناده إلى ابن عباس وعكرمة والضحاك وقتادة ، ثم قال :
 وقال آخرون : معنى ذلك : وتعطُّفاً من عندنا عليه فعلنا ذلك
ونسب ذلك بإسناده إلى مجاهد ، ثم قال :
 وقال آخرون : بل معنى الحنان : المحبة ، ووجهوا معنى الكلام إلى : ومحبة من عندنا فعلنا ذلك
ثم نسب ذلك بإسناده إلى عكرمة وابن زيد ، ثم قال :
 وقال آخرون : معناه تعظيماً منَّا له
ونسب ذلك بإسناده إلى عطاء بن أبي رباح ثم قال :
 وأصل ذلك - أعني : الحنان- من قول القائل : حنَّ فلان إلى كذا ، وذلك إذا ارتاح إليه واشتاق، ثم يقال : تحنَّن فلان على فلان : إذا وصف بالتعطُّف عليه والرقة به والرحمة له ؛ كما قال الشاعر :

 تَحَنَّنْ عليَّ هَداك المليكُ -- فإنَّ لِكُلِّ مَقامٍ مَقالاً

 بمعنى : تعطَّف عليَّ ؛ فالحنان : مصدر من قول القائل : حنَّ فلانٌ على فلانٍ ، يقال منه : حننتُ عليه ؛ فأنا أحِنُّ عليه ، وحناناً

 وقال الفراء في ((معاني القرآن)) (2/163) :

 وقولـه : «وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا» الحنان : الرحمة، ونصب «حناناً» ؛ أي : وفعلنا ذلك رحمة لأبويه

 وبنحوه قال ابن قتيبة في ((تفسير غريب القرآن)) (ص273) ، والبغوي في ((التفسير)) ، ونسب البيت السابق للحطيئة يخاطب فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

 وروى أبو عبيد القاسم بن سلاَّم في كتاب ((غريب الحديث)) (2/405) عن أبي معاوية (الضرير) عن هشام بن عروة عن أبيه ؛ أنه كان يقول في تلبيته: لبيك ربنا وحنانيك . وهذا إسناد صحيح ، وعروة بن الزبير تابعي ثقة، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة

 قال أبو عبيد :

 قولـه : حنانيك ؛ يريد : رحمتك ، والعـرب تقول : حنانك يا رب ، وحنـانيك يا رب ؛ بمعنى واحد

 وقال أبو موسى المديني في ((المجموع المغيث)) (1/514) :

 في حديث زيد بن عمرو : ((حنانيك ؛ أي : ارحمني رحمة بعد رحمة

 وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)) (3/446) :

 روى أبو العباس عن ابن الأعرابي ؛ أنه قال : الحنَّان : من أسماء الله ؛ بتشديد النون ؛ بمعنى : الرحيم.قال : والحنَان ؛ بالتخفيف : الرحمة. قال : والحنان : الرزق ، والحنان: البركة ، والحنان : الهيبة ، والحنان : الوقار

 ثم قال الأزهري :

 وقال الليث : الحنان : الرحمة ، والفعل التحنُّن. قال : والله الحنَّان المنَّان الرحيم بعباده،ومنه قولـه تعالى : «وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا» ؛ أي : رحمة من لدنا . قلت (أي : الأزهري) : والحنَّان من أسماء الله تعالى،جاء على فعَّال بتشديد النون صحيح ، وكان بعض مشايخنا أنكر التشديد فيه ؛ لأنه ذهب به إلى الحنين ، فاستوحش أنَّ يكون الحنين من صفات الله تعالى ، وإنما معنى الحنَّان : الرحيم،من الحنان،وهو الرحمة

 ثم قال :

 قال أبو إسحاق : الحنَّان في صفة الله : ذو الرحمة والتعطف
اهـ كلام الأزهري.

 وقال أبوسليمان الخطابي في ((شأنَّ الدعاء)) (ص 105) :

 الحنَّان : ذو الرحمة والعطف، والحنان – مخفف - الرحمة

 وقال ابن تيمية في ((شرح حديث النُّزول)) (ص184) :

  وقال (يعني : الجوهري) : الحنين : الشوق ، وتوقان النفس . وقال : حنَّ إليه يحنُّ حنيناً فهو حانٌّ ، والحنان : الرحمة ، يقال : حنَّ عليه يـحنُّ حناناً ، ومنه قولـه تعالى : «وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا وزكاةً»، والحنَّان بالتشديد : ذو الرحمة ، وتحننَّ عليه : ترحَّم ، والعرب تقول : حنانيك يا رب! وحنانك! بمعنى واحد ؛ أي: رحمتك. وهذا كلام الجوهري ، وفي الأثر في تفسير الحنَّان المنَّان : ((أنَّ الحنان هو الذي يقبل على من أعرض عنه ، والمنَّان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال)) ، وهذا باب واسع

 وقال ابن القيم في (( القصيدة النونية)) (1/50) راداً على الجهمية نفاة الصفات :

 قالوا وليس لربِّنَا سَمْعٌ ولا بَصَرٌ -- ولا وَجْهٌ فكيفَ يَدَانِ

 وكذاك ليس لربِّنَا من قُدْ -- رَةٍ وإرادةٍ أو رحمةٍ وحَنَانِ

 كلا ولا وَصْفٌ يَقُومُ بِه -- سِوى ذاتٌ مجردةٌ بِغَيْرِ مَعَانِ

 تنبيهات :

 الأول : فَسَّرَ بعض المفسرين ، ومنهم ابن كثير : «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيَّاً ۝ وَحَنَانَاً مِنْ لَدُنَّا» ؛ أي آتيناه الحكم وحناناً وزكاةً ؛ أي : جعلناه ذا حنان وزكاة ، فيكون الحنان صفة ليحيى عليه الصلاة والسلام.

 الثاني : روى ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (9410) ، وأحمد في ((المسند)) (3/120) ، وابن ماجه (3858) ؛ من طريق وكيع عن أبي خزيمة عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه ؛ قال : سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول :« اللهم إني أسألك بأنَّ لك الحمد ، لا إله إلا أنت ، وحدك ، لا شريك لك ، المنان ، بديع السماوات والأرض » ، وهذا إسناد صحيح.

 ورواه أحمد في ((المسند)) (3/245) ، والنسائي (1300) ، وأبو داود (1495) ، والطبراني في ((الدعاء)) (116) ، والبغوي في ((شرح السنة)) (1258) ، والحاكم في ((المستدرك)) (1/503) ؛ من طريق خلف بن خليفة عن حفص بن عمر أخي أنس بن مالك لأمه ؛ بلفظ : ((المنَّان)) .

 وأخرجه أحمد في ((المسند)) (3/158) من طريق خلف بن خليفة به بلفظ: ((الحنَّان)).

 وأخرجه ابن حبان في ((صحيحه)) (893) من طريق خلف بن خليفة به بلفظ : ((الحنَّان المنَّان)).

 وخلف بن خليفة : قال عنه الحافظ في ((التقريب)) :

 صدوق ، اختلط في الآخر ، وادَّعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي ، فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد)

 الثالث : روى الإمام أحمد في ((المسند)) (3/230) وغيره حديث : «أنَّ عبداً في جهنم لينادي ألف سنة يا حنَّان يا منَّان» وإسناده ضعيف ، انظر تخريجه في ((الأسماء والصفات)) للبيهقي تحقيق عبد الله الحاشدي (1/206-207).

 الرابع : روى الحاكم في ((المستدرك)) (1/17) من طريق عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان حديث : ((إنَّ لله تعالى تســعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة )) فذكرها وعدَّ منها : ((الحنَّان)) ، وعبد العزيز هذا ضعيف، قال عنه الحافظ في ((التلخيص الحبير)) (4/172) :

 متفق على ضعفه ، وهَّاه البخاري ومسلم وابن معين ، وقال البيهقي : ضعيف عند أهل النقل

 قال الخطابي في ((شأنَّ الدعاء)) (ص 105) :

 ومما يدعو به الناس خاصُّهم وعامُّهم ، وإن لم تثبت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحنَّان

 هذا حسب النسخة المغربية كما أفاده الأستاذ أحمد يوسف الدقاق محقق الكتاب ، وفي النسخة التيمورية زيادة : ((المنَّان)) ، وأظنها خطأ من الناسخ ، وعلى أية حال فقد تقدم إثبات أنَّ ((المنَّان)) من أسماء الله عَزَّ وجَلَّ.

 والخلاصة : أنَّ عدَّ بعضهم (الحنَّان) من أسماء الله تعالى فيه نظر ؛ لعدم ثبوته.والله أعلم.


المصدر: كتاب "صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْوَارِدَةُ فِي الْكِتَابِ وَ السُّنَّة"ِ



© Abu Iyaad — Benefits in dīn and dunyā

Search

Enter your search term and hit enter.